25‏/06‏/2012

الإصلاح الثوري


يتباهي الإصلاحيون بمشاركتهم في الإنتخابات الرئاسية, بإعطائهم الشرعية لجلاديهم, بمُبايعة من شارك الجلاد إستبداده, وسط ترحيب ساذج, و شعور بزهوة الإنتصار علي الأله العسكرية العتيقة, و ثورة قلبت توازن السُلطات, و ثورة حقيقية من الصندوق علي من إبتدع الصندوق, كأن الدماء طيلة ال15 شهراً من بعد الثورة لم تكن كافية, فكما يُفكرون, الحل السياسي طويل الأمد هو من ينتصر, التخلص البطئ من السلطة العسكرية اّمن بالإصلاح و السياسة, الحل الثوري ليس هو المُنتصر دائماً, و لنستخدم الكُتلة الحرجة من الثوار كأداة مفعولٌ بها, و من التناقض و الإنتهازية أن نري أحداث الشهور الماضية من إستخدامهم الشارع و تحضيرهم للحظة الخلاص الثوري-إذا كانت لازمة- كما صدعونا دائماً, فهم و بشكل مُلاحظ لا يؤمنون أو لا يثقون بقدرة الشارع علي التأثير بفاعلية برد الفعل الشعبي التلقائي و أيضاً المُوجَه من الأقلية الناشطة المُتأرجحة, فأحداث السفارة الإسرائيلية و بياناتهم, و سفارة ال سعود و زيارتهم المُنكسة لكرامة شخصٍ مصري, خير دليل علي فكر غريب لهم, كإصلاحي و أحياناً شبه  ثوري – شذوذ بمعني أوضح-, و من الطريف أن هذه الشهور الطويلة من بعد الثورة تُحيي إلي حادثة الحزب الشيوعي في فرنسا, عندما فصل بين العمال و الطلاب, مع أن كان بإمكانه الإنتصار لو إستمروا علي هذا المنوال الثوري و تجنب الصفقات, أو دعنا نقول المنهج السياسي, فإني أؤمن بفاعلية الرد الشعبي التلقائي و قدرته علي كسر الحواجز و التغيير, علي شرط أن لا يكون في المشهد ما نراهم من سُذج و جُبناء من الكتلة الحرجة – النائمة في هذه اللحظات -.

يدخل الإخوان المُسلمون في ميزان السلطة الجديد, و لكن بالطبع بعد خلعهم من سُلطتهم السابقة, لحفظ التوازن لقوة الألة العسكرية و بقائهم في صينية المحشي, و لكن في العمق قليلاً و بعيداً عن المشهد, لتجنب الصدام المُباشر مع الشارع – أو تجنب الاّكل-, كما في الشهور الخوالي -ماسبيرو و محمد محمود الأولي كانوا الأبرز-, فالإخوان المسلمون و منذ الإنقلاب الأول يصارعون العسكر, كانوا يطمحون لعمل ثوري لكن لم يعطهم ناصر فرصة في ذلك بسبب تكابر نفوذه بالطبع شعبياً, و النتيجة كانت المجازر الجماعية لكوادر الإخوان الفذة حينها, فبذلك شُكل سيناريو 52 او 54 علي حد قول المحُللين المُهرتلين, الذي يصدعونا دائما به أصحاب العقول العظيمة القوية الجذابة الفتاكة, و خاصة في ذلك الإخوة الشباب الثوري, فهم يتوقعون حدوث هذا السيناريو كثيراً, لكن اّأسف و بتحفظ علي تطابق السيناريوهات و ما إلي أخره, أتفق أن علينا جميعاً ان نتعلم من دروس التاريخ, و لكن أيضاً علينا أن نأخذ في الإعتبار وضع و أشكال المُجتمع سياسياً و إجتماعياً, فما حققه عبدالناصر لطبقة كبيرة من الشعب لم يكن بشكل سئ كما يراه النُخب و المُثقفون, فالمصريين علي مدار تاريخهم يُقدمون لٌقمة العيش علي الحرية و الإستقلال, و هذا ليس طابع مصري فقط, بالشرقي أيضاً نراه كثيراً, فكان الإخوان المُسلمون ينظرون نظرة أُخري شاذة عن بقية المُجتمع علي طبيعة الحياة حينها, كما ينظر إليها أغلب الشباب الثوري في هذه الأوقات أيضاً, فالحالة مُتشابهة قليلاً و لو بفرق في درجات الوعي تقريباً, فبكل هذا و ذاك نري لماذا الإخوان لم يُكملوا المسيرة الحقيقة في الشارع, تجنبوا المُخاطرة بأنفسهم و كيانهم القوي مرة أخري, و أتبعوا شكل إصلاحي هذه المرة, فمن الممكن أن هم يطمحون إلي ما حدث لجنرالات تُركيا مؤخراً, و خلعهم من السلطة بشكل سياسي و سلس إلي حدا ما, فهذا أقل كُلفة للتغيير من غيره, و لكن أيضاً علينا أن نُراعي كل مجتمع و ظروفه داخلياً و خارجياً.

الصراع الدائر حالياً أكبر بكثير بكونه صراع بين كيان عسكري و كيان مدني ذي مرجعية دينية, فهو علي الأقل بالنسبة لي أوضح مثال علي صراع الأنظمة الإقتصادية مع بعضها, و التحكم فيها مِن مَن و لمن, فبشكل مبدئي يُسيطر العسكر علي الإقتصاد بشكل كبير يصل ل46% - كما يُقال من مصادر عديدة- من مشروعات علي أراضي الدولة و صناعات مدنية, مراكز ترفيهية عديدة, و كل ذلك يدخل عبائة الجنرالات الكبيرة دوناً عن باقي الشعب أو حتي إستخادامها في الصناعات العسكرية, فبديهي بعد ذلك أن يسعوا للإستمرار في السلطة, و إستمرار مصالحهم حتي علي الأقل و لو بعيدين عن المشهد, فلا تنسي سرطانات العسكر البيروقراطية في الدولة, التي تحتاج لقنبلة هيدروجينية للتخلص منها.
أما عن نهج الأخوان الإقتصادي, فلا أري فيه أي شئ جديد عن ما سمعته و شاهدته من نظام مبارك الإقتصادي, وضع حد أدني و أقصي للأجور, الدعم و الضرائب و حفظ التوازن و جلب الإستثمارات, إلي أخره من هذه أحاديث عقيمة بلا جدوي, لن أجني عليهم بتطابقهم مع نظام مبارك, لكنه علي الأقل فكر إصلاحي مُحافظ, يؤمن بقوة القطاع الخاص في تغيير النظام الإجتماعي, مع مرونة الدستور و القوانين لتسويق ما يروه مُناسب, و هذا يفتح مجالاً واسعاً للإحتكار و الإستبداد, إذا خملت القوة الشعبية عن التحرك في الشارع و في منظمات بعيدة عن الحكومة, فهذا الوضع الذي يؤمن به الإخوان مُتناقض مثل باقي أنظمة أوروبا التي دائماً تصب في يد رؤوس الأموال, و لكن هم حققوا نهضة بسبب تسخير موارد الشعوب من الشرق لصالحهم و إستعبادعم و إستبدادهم بالقوة, أما نحن حين يدخل علينا هذا النهج هو ظهور رؤوس الأموال الإحتكارية بطيئاً, و تحكمهم في سياسات الدولة, فإذا سقطت الجماعة من قواعدها ستبعده تماماً في هذه الاوقات بسبب قوة العسكر في الحياة البيروقراطية, و كل هذا لن يحدث إذا لم يتمكنوا تمكيناً كامل أو شبه كامل من الدولة.

قوة المجلس العسكري ليس خارقة, و ليست مُضادة للرصاص, و أيضاً يُمكن إسقاطها بنهج سياسي أو ثوري مع إختلاق عُمق التغيير في المُجتمع بين المنهجين, فالتخلص الكامل من الكيان العسكري بشكل سياسي يأخذ كثيراً من إرادة الشعوب و الطبقات الكادحة, فهو يُنخب الساسة و يجعل المواطن بلا عقل و موجه بلا أدني مقاومة له, يُسخر أحلام الأفراد لكيانات تتصارع علي السلطة, لكيانات خيرة و شريرة و كُلٍ علي حسب درجة التوغل في العقلية الشعبية من جانب السلطتين أو مُريدين السلطة أو حتي السلطويين, فإذا أنتصر أحدهما علي الأخر يتحول لمُستبد فاشي جديد, و يبداً صراع جديد في السلطة و يبقي الضحية هو الشعب.
 فمن يقف أمام هذا الوضع بشكل قطعي هو اليسار, فعقلية اليسار تؤمن بقدرة الأفراد علي التغيير, و تحويل الشعوب لمُحركيين زمام السياسة و السلطة بمقاوتهم, و إيمانهم بالتغيير الإجتماعي أفضل و أقوي و أكثر راديكالية من تغيير سياسي لن يُغيير كثيراً في حياة الشعب, فالسلطويين مثل الرأسماليين كلاهما جشع لا حد لإنتصارهم, يطمحون دائماً لمزيد من التفرد بالسلطة, فكمجتمع نسبة الوعي و الحراك الإجتماعي فيه ليست بكبيرة, لن ينهض به أي قوة سياسية, فأُذكركم و أُذكر نفسي بالأية الكريمة " إن الله لا يُغير بما في قوم حتي يُغيروا ما بأنفسهم" فالتغيير الإجتماعي هو الأساس, التغيير السياسي لن يُغير شيئاً سوي إزدياد بئس الشعب و رغبته في رفض السلطة, و هذا لا يعني عدم إستخدام تراكمات الساسة ضدهم و لو علي الأقل من كُتلة حرجة ناشطة حتي لو كانت مُتناهية الصغر, فالعمل في نطاق الثورية ليس بجالب للحياة بالنسبة للطبقة المتوسطة, فهم بشكل عاطفي قليلاً, تُحركهم مبادئهم و ضمائرهم, و حلمهم علي تغيير المُجتمع إلي الأفضل, بدون سلطة و أموال و جاه و مناصب, هم بالنسبة لي الأمل الذي أتمني أنا أراه كل يوم في حياتي, فلا فعاليات و مكاسب واهية من المُستبدين تغريهم, و لا سلطة تستطيع قمع أفكارهم, و أيضاً      هم يفكرون دائماً بنظرة بعيدة إلي حد كبير, فتنظير الفكر و الإيمان به أكبر نقطة خلاف بينهم و بين الإصلاحيين, فيقولون عن التنظير " فسفطة فارغة, الأن وقت العمل بدون تنظير" مثل هذه أحاديث, تُعبد تماماً قوة الفكر و التغيير الأجتماعي, التغيير من القاعدة.
التغيير الإجتماعي جزء كبير من مراحلة هو ما يحدث من صراع بين كيانات سلطوية الأن, لأن الشعب لم يُجرب تجربة ديمقراطية حرة طوال السبع ألاف سنة, حتي هذه التجربة أستثنيها من القاعدة, فالديمقراطية ليست مُجرد صندوق و إحترام ننتيجته, فنحن نختصر الديمقراطية في الصندوق كما نختصر الإسلام في الحدود, فقلقي هو رفض الشعب للديمقراطية علي هذا الشكل, مع علمي بأنها موضوعاً يجب أن يتم إحلالها بنظام جديد, لكن متخوف من قفز التجربة و نرفضها قبل أن نُجربها, فبشكل صريح, المُجتمع ليس مُهئ لنوع جديد مثل الديمقراطية المباشرة, لكن مُهيئ أن يحكمه ديكتاتور و فاشي أخر, فإني أري الصراع السلطوي الأن مٌفيد في بعد النقاط, فتكاثر التجارب و الخبرات هو الإنتصار الأكبر في المرحلة, صحيح أن الصراع طويل الأمد لكن الصراع في هذه الأوقات يتمحور في رفض المُستبدين و إستبدادهم.

26‏/05‏/2012


نناهض نحن براعم جيل الثورة أجيالاً من الركود و التعفن الفكري, الذي ساد منذ سنوات طويلة من قِبل نٌظم إجتماعية هشة, أبعدت أولي الألباب من كبيرهم لصغيرهم عن المجتمع, فساد الركود الإجتماعي, و أصبحنا نتنشأ علي أي كُتل حرجة حتي لو كانت متناهية الصِغر, إمتازت هذه السنوات الراكدة فكرياً بالتعامل السلطوي مع كافة المناهضين للركود الفكري, نُبذت حقوقهم, و جعلتهم ينحتون في جدار صُلب بالفكار, حتي وصلنا إلي بداية الحراك الإجتماعي الثوري في الألفية الجديدة, الذي كانت أقوة مراحلة حتي الأن هي الثورة المصرية, التي تُعد بداية كسر الحواجز إستعداداً لليوم الحقيقي.
أيقظت الثورة فينا روحاً أدت إلي إلهاب عقولنا و فتح الإرادة علي العمل الجاد, من السياسة للفن, و من الكِتابة للعلم, حتي من الأحداث ألهمتنا بمبادئ عظيمة ستظل في أجباننا مدي الحياة, أفتخر بإنتمائي لهذا الجيل حامل الراية, الراية التي لن تُنَكس ما دام الدهر ينبض, رفضنا التخلف, صارعنا أجيالاً و أجيال, أردننا إثبات أنفُسنا, رفعنا قيادة الفكرة علي جِباهانا, أيقظنا روحًا متماسكة لن تتفرق أبدا ما توحدت مبادئنا وأهدافنا, و نعمل في إطار يضمن لنا تطوير الفكر و العلم, وزيادة الوعي في شتي المجالات, علمنا أنفُسنا بأنفُسنا, لم نرضخ و لم ننهزم مادامت أحلامنا تنبض بكلمات الحرية و السمو, نتطور أسلحتنا بأحلامنا, نطور فكرنا بتوطيد أرجُلنا في المجتمع, نريد أن نُثبت كفائتنا, و ليس هذا بيتاً من الشعر يروي قصائداً, بل واقعٌ سنعمل علي تحقيقه, جيلاً ورا جيل, نردد أناشيد العلم, ولا خيار أمامنا إلا النصر كما نحلم ان تكون مثل الثورة.
يريد هذا الجيل العمل في إطار, يحول الفكر الملئ بالحيوية إلي واقع يُعمل به في العمل العام, كما يمهد الطريق لألاف من براعم الثورة إلي الظهور و الكشف عن أنفسهم عن طريق الكايانات توحد جميع الأهداف و المبادئ في شتي المجالات و العمل علي خلق روح قوية و التدريب علي تنظيم أنفسنا بأنفسنل, و المشاركة في مساعدة المجتمع و إظهار روح الإبداع و الفكر و تدعيم المواهب, و خَلق قاعدة قوية من براعم جيل الثورة.


18‏/04‏/2012

الفاجعة الكبري

حالة ضبابية تأتي من جديد في المشهد المصري, سواء في الشارع الثوري أو السياسي بفروعه المُتعددة, ببلالين كثيرة يمتكلها الأطرف المُتصارعة و يتراشقون بها الأن, مما أدي لإنقسامات و إختلافات وصلت لحد المُعاداة مُتبنية العنف, و قد أشرت في المقالة السابقة بتاريخ " 6-3-2012" " القوي الثلاث في المناهج الثلاث" إلي ما يرقي بتحريك الأطراف المُتصارعة كالماريونت في العروض المسرحية من قبل طرف وحيد إستحوذ علي الأحبال كافة لعقود طويلة بعدة أوجه مُتعددة الملامح, لكنها ع قلب هدف واحد, سأُحاول جاهداً توضيحها لفهم هذا الطرف العنيد.
                                         ----------------------------------------------------------- 
ظهرت قوة الجيش في الحياة السياسية المصرية في 1952 عندما إنقلب عبدالناصر علي الحُكم الملكي و أيدته الطبقة الكادحة من الشعب أملاً في التغيير كالعادة, و لكن سُرعان ما تبدد هذا الأمل في بعض الطبقات الواعية من المُجتمع و سعت جاهدة لتغيير مسار عبدالناصر الستاليني, الذي قام بنهضة صناعية و زراعية و أيضاً إجتماعية لكن علي حساب القمع السلطوي و الديكتاتورية التي أصبحت راكدة في المُجتمع, مما أدي إلي نشوب الفساد الإداري للدولة و التي بموجبه أثر علي المواطن العادي مُصاحبً لإضمحلال في اللامركزية, مما جعل سياسته تعتمد علي الجيش الذي تأثر به الشعب من خلال العداوة الإسرائيلية, و كانت الستارة هنا هي الوطنية القوية التي أُقنع بها طبقات عة من الشعب, فساعدة هذه الستارة إلي قتل و قمع كافة الأفكار المُناهضة له, مما جعله يُنكل تنكيلاً جشعاً و واضحاً من مُفكرين و عُلماء و مُثقفين, مثل ما حدث خلال أول 7 أشهر من بعد أحداث يناير و لكن بشكل أكبر نسبة إلي إختلاف درجات الحراك الإجتماعي في المُجتمع المصري, ولكنني أستطيع أن أُجزم إلي فهم خاطئ إستنبطه عبدالناصر في حياته, فهو كان رجل عسكري وطني أراد أن يُغير مسار بلاده الذي شاهده في إضمحلال واضح,و لكن هذا هو فكره, و فكر الفطرة العسكرية التي نراها في أغلب العسكر, التي لا يستطيع فكري الضعيف أن ياتي بها واضحة, و ما أعلمه عن هذه الفطرة مُجرد أقاويل مُرسلة لا اعتاد قوية لها قد أستطيع أن ابني عليها شئ, فجميعم لا يأبه بالدماء, لا حق لمن يُعارضه, ولا عزاء لمن يُعاديه و لكن كحق يُقال فهو أسس نهضة صناعية و زراعية و حسن الأحوال الإجتماعية نسبياً.
                                     -----------------------------------------------------------  
نأتي للجُزء الأكتر حماساً للمسرحية الكبيرة, فعهد السادات كان نواة العسكري المُتمدن تحت رداء السوق الحُر و الإمبريالية الأمريكية الذي سطع ع حساب الصراعات الطبقية و الدينية الراديكالية. فقد تخلص السادات من زيه و عبائته العسكرية بعد 1974 بالتخلص من الحروب و بدء نشوب حالة إستقرار خارجياً بعد حرب إسرائيل و نواة كامب ديفيد, فقد إهتم بعد هذا التاريخ بإندماجه في الإقتصاد الرأسمالي الذي هيمنة عليه الولايات المُتحدة, تاركاً وراءه مُعارضيه و مُعاديه الذي سُرعان ما تخلص منهم بواجهة الإديلوجيا الإسلامية, التي بطشت الكثير من الدماء الطاهرة, فاستغل السادات الجماعات الإسلامية الرادكالية في صالحه لأجل الترويج له بعد كامب ديفيد و فُقدان حُلفاء كُثر, مما جعله يعتمد علي شئ عبثي إستطاع به أن يزهق دماء المصريين, و لكن بعد مرور عدة سنوات من إستغلاله الجماعات الإسلامية, فقد قُلبت الأيه عليه بسبب إفلاس سياسته الداخلية, و أدي إلي نشوب الصراع بين نظام السادات نفسه الذي بدعه و سطعه, و كانت النهاية كما شهدناها في حادث المنصة.
إذا إستعطنا أن نقف و نري أي نوع من الستار إستخدمه هذا الرجل العسكري سنُلاحظ أكثر من لون, فلقد إستخدم في البداية ستار الجيش و الحرب, و بعدها تحول إلي العبائة الأمريكية و بدء دخوله في رأس المال العالمي, و أخيراً بداء الصراع الطبقي الديني, مُلهماً العالم الإسلامي انه المُدافع عن الإسلام, و مُرهباً الأقليات بدعمه الخفي للجماعات الإسلامية و إستمرار نزيف الدماء حتي قُلبت الأية عليه.
                                         -----------------------------------------------------------  
أما عن جزء الملاك أبو جناحات و مُبارك الأزمنة و صاحب المنحة السنوية فلن أرمز سوي علي أنه صاحب نفس منهج السادات الذي استمر به و لكن زائداً عنه هيمنة رأس المال الإحتكاري و فتح السُبل للقيادات العسكرية في التمتع بما تتخيله و ما لا تتخيله, من سلطة و جاه, و تسقيع أراضي, تجارة سلاح, مصانع و أماكن مُخصصة للسادة العسكر و تسخير لموارد الشعب لهم إلي ذلك من سلطوية و فساد للنظام البيروقراطي كالعادة, مما جعلهم عائقاً في سبيل التحرر و التغيير الإجتماعي و السياسي بعد أحداث يناير, فأدي إلي إجهاضها لوقت طويل حاضراً, قصير تاريخاً.
                                         -----------------------------------------------------------  
أعتمد قادة الجيش في المقام الأول علي الستار الشعبي لهم الذي لم أدرك حتي الأن طريقة تصديق و تأييد الجيش عندما سطع إلي الساحة من جديد بواجهته الخاصة, غاضيين النظر عن أنهم خالقي مُبارك. ففي قراءة سريعة للمشهد المُعادي لنظام مبارك من قوي سياسية, أستطعت أن أستنبط أن جماعة الأخوان المُسلمين بخبراتهم و أفكارهم التي تبنت اللاعُنف من النصف الأخير من القرن الماضي, أيقنت من هم العسكر و ماذا يريدون تحديداً لأن و بشكل غير منطقي كيف تحولو من فكر مُعادي للنظام لمُجرد طرف في نظام هم يعملو ما هو, فتنبئوا للعبة السياسة من بعد الثورة مُقنين أن عدم إنجرارهم من قبل الجيش للشارع قد يُمهد الطريق لصالح أنفسهم أو في صالح قوي التغيير, و لكن تبناها الفشل, و قد ظهر واضحة هذه الأيام, مما سهل القضاء علي المُعاديين للنظام و جعل الأخوان مُجرد مُعارضيين, يُعطون شرعية للعسكري و يلعب بهم كيفما يشاء.
تعرفنا و لو قليل علي ستائر العسكر, مما يجعلنا نسأل أنفسنا, ما هي الستارة هذه المرة؟ و ما هي الستائر المُتاحة لبسط نفوذهم و لو حتي من بعيد لكي لا يُدمروا.
                                         -----------------------------------------------------------  
صورة المسرحية الصغيرة التي ينتظر الشارع المُستكدح إنهائها من مُهاتارت و عبثٌ بالأوطان أملاً منه في الخلاص من بطش السلطة العسكرية و قوتها, و تحمل المعارك السياسية التي دائماً ما يكون هو الطرف الخاسر فيها, فيلعب العسكر الأن علي البقاء في السلطة بأي شكل و بأي ستار, لأن الحراك السياسي الأن غير كُل الأزمنة و من الصعب قهره, فعملوا علي تجنيد من يُدمره من نفس المنهج و لكن بشكل مُخالف للهدف, هنا أتكلم عن مؤيدين للنظام يستخدمون نفس سلاح الثوار, سواء فشل هذه المنهج الكرتوني أو لا فعلينا ان نعترف بوجوده.
سيشرع العسكر في كثير من المُهاترات للبقاء, فعلينا أن نستبعد تماماً القرارت الساذجة و الواضحة و التي تأتي بسخط شعبي, فهو بشكل من الأشكال و بغمضة عين سيخلق السلطة لنفسه لفترة طويلة قادمة, دون أن يأخذ إذن أو حوار مع أحد, لأن في هذه المعركة الدائرة تأتي النتيجة في كل الحالات ضبابية, فإذا أفترضنا تحالف مع العسكر ضد القوة الإصلاحية, فبذلك يحفرون قبورهم بأيديهم, لأن العسكر و فيما بعد سيسهل عليهم القضاء النهائي علينا. اما إذا أفترضنا تحالف مُغاير يعني أننا سنقف في الجبهة الأُخري يعني أننا سندخل في صراع قوي و عنيف العسكر يسبقونا قوة به, لكن من وجهٍ أخر قد تُريد الأله العسكرية مثل هذا صراع للتخلص الكامل من كافة القوي, لذلك سيشرع في إجهاض و تقسيم القوة المُنهاضة له.
                                         ----------------------------------------------------------- 
الحلول السياسية لدي العسكر كثيرة و عديدة يستطيعون تنفبذها كيفما يُريدون, لأن المنهج الإصلاحي قد أعطي قوة كبيرة طيلة ال14 شهراً, لذا سنحاول القدوم بعدة أشكال سنأخذ علي سبيل المثال خبر أو بالونة تصدعت في الأوساط عن عدم إكمال الإنتخابات الرئاسية إلا بعد الإنتهاء من الدستور, فبخطوة مباشرة و صريحة مثل هذه لن تكون غافلة عن جنرالات الجيش و مُستشاريه توابعها, و لو إفترضنا أن فكر المُستشارين و الجنرالات مُشابهة تماماً لمُبارك, فعلينا أن نعلم كواليس و لو بسيطة من أفكار هذا النظام و أهدافه كي نستنبط منه ما يُفيدنا في هذا الإبتلاء.
                                         -----------------------------------------------------------  
جاء علي ذهني منذ يومين من أحد أركان النظام البائد عندما قال أن جمال مُبارك كان سيأتي في أحداث مُشابهة ليناير, مما يجعلنا نستنبط من جديد ماذا يعني هذا و إلي أي مدي ينطبق علي هذه الفترة في النظام مثل حالتنا؟
هذه الفكرة لم تغب عن الكثير من المُراقبين و المُهتمين بتنبؤ مثل هذه الأحداث, فقد نري عوامل قد تُساعد في نشوب مثل هذا حدث راديكالية و عنف, تلقائياً سوف يذهب ذهنك إلي تكتم اللجنة العليا للإنتخابات بجنسية حازم مع إزدياد نبرة سخط أنصاره, فلا يغيب عن نظر الجميع أن المجلس العسكري يُحرك ما يُريد في الدولة و لا أستثني منها مثل هذه لجنة لعمل إنتخابات تترأسها مصالح العسكر, أخر قد نري إذا تخلت القوة الثورية عن الأخوان في صدامها مع العسكر بالتصعيد, سوف نجدد إحياء السيناريو من جديد, و خاصة أن الأخوان إذا صعدوا موقفهم فيما بعد قد نري مواجهات عنيفة سيكون السلطات الأمنية هي المبادرة الأولي و هذا ما تريده من إنجرار الأخوان إلي مواجهة راديكالية قد نراها قبل او بعد الإنتخابات أو إذا لم يكن هناك إنتخابات أصلاً.
نقطة أُخري أثارها البرلمان أثناء مُهاترات سحب الثقة من الحكومة و ما إلا ذلك, و هي تصفير الإحتياطي من قبل الحكومة و أزمة الصناديق الخاصة, فلا يغيب عن الأذهان أن الجنزوري لم يكن يستخدم سوي من الإحتياطي الاجنبي الذي إنخفط إلي 18 مليار دولار تاركاً خلفه 15 مليار دولار تمت إهدارها, مما يمهد بعجز أي مؤسسة قادمة علي القيام بإصلاحات قوية وسط معارك سياسة و إضرابات كهذه مما يستدعي تدخلاً أخر من العسكر لحماية الإقتصاد القومي, فالمؤسسة العسكرية تستحوذ علي ما يُقراب نصف إقتصاد الدولة.
                                         ----------------------------------------------------------- 
قليل من يري فجوة كبيرة في النظام و عملية خلق النظام, لأنه لا يوجد ما يحدد أركان النظام,  ولا سلطاته و إختصاصاته, و لا حقوق فعلية واضحة و كاملة لأفراده, لانه ما يحكما هو مجرد مٌلخص لدستور 71 علي شكل إعلان دستوري وافقت عليه القوي السياسية بدون بُعد نظر أو حتي رؤية لمستقبلهم في البرلمان أو الرئاسة بما يوحي بفوضي دستورية عميقة يكون المُسيطر فيها العسكري و يكون له ستارة الرئيس الطرطور. فإستمرار الوضع الحالي من معارك سياسية مستمرة قد يأتي بغباره علي كافة القواعد الرئيسية لدي الدولة, مع بقاء رد الفعل كما هو, جامد لا حراك فيه, مما يجعلنا سداحاً مداحاً لمن يملك السلطة.
                                         ----------------------------------------------------------- 
تعددت التوقعات للإستحواذ علي الأحبال من قبل طرف واحد, طرف لن يسمح بتناقص في سلطاته أو تغيير نظامه,لأنه بذلك يحفر قبره بيديه, فأهمية تنظيم و إستمرار النضال حتمي ولا بد منه, ولابد من أن لا ننجر إلي تطابق بيننا و بين أبواق النظام, لأنه من الطبيعي يُريد التفتت و التشرذم للقوي الثورية, لأن الأقكار السائدة في المُجتمع دائماً هي من صنع النظام, تارة يُمجد و تارة يَخسف.
فإذا كان هناك توافق وطني علي شئ فلابد أن يكون إرجاع الجيش لثكانته و سقوط سُلطاته في يد مدنين, لأن أي خيار سوي ذلك سيكون مجرد ستار من نوع جديد علي جُعبة العسكر لثبوت نظامهم فترة أُخري من جديد, لذا فهم يحتاجون لفاجعة قوية لها سيناريو عنكوبتي يستطيعون النصر به.